وقال تعالى
{ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم }
اللهم إني أسألك وأنا عبدك وأدعوك وأنا عبدك أن تصلي على نبينا محمد
ا
وعلى آله وأن تفرج عني كما فرجت عنه وأن تستجيب لن
كما استجبت له إنك سميع الدعاء
اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع وقلب لا يخشع
وعين لا تدمع وصلاة لا ترفع
اللهم إني أسألك في صلاتي وفي دعائي براءة تطهر بها قلبي
وتلين قلوبنا علي الضعفاء
وتصلح بها أمري وتغني بها فقري
أريد عروثة!!
25 نوفمبر 2008
هي إحدى ثلاث من بين شقيقاتها. (منال) تملأ مدرستها الابتدائية حبوراً. ولا تكاد الابتسامة تغادر محياها، فكل ابتسامة تطلقها تتحول إلى براءة عجيبة! وبرغم أنها قد خلعت أسنانها اللبنية، إلا أن كل ما فيها يكاد يتحدث! حركاتها، قفشاتها ومطالبتها الدائمة لتكون عريفة في الفصل وأثناء الفسحة وبعد انصراف الطالبات وانتظار الباقيات لسياراتهن!
هذه الصغيرة تعاني من ظروف أسرية غاية في الصعوبة، فوالدها عطوف وكريم النفس، بَيْدَ أنه يشكو من ضائقة الفقر. وهذا الزائر الثقيل يكسر ظهر الرجل عندما لا يستطيع تحقيق مطالب أسرته!
حين ترى تلك الطفلة كالفراشة في المدرسة تغريك لتداعب طفولتها، حتى تبتسم، فتظهر لثتها الوردية دون أسنان. وحين تزيد إحدى معلماتها دغدغتها تغرق في الضحك، وتدمع عيناها من فرطه، وتقاوم بالكلام عبر لغةٍ عجيبة تقلب فيها الحروف والعبارات بشكلٍ كوميدي غاية في الروعة!
جرى حوار لطيف بينها وبين معلمتها بغرض التعرف على احتياجاتها الشخصية من ملابس وأحذية وبعض الدفاتر والأقلام الملونة أو طعام الإفطار. قاطعتها الصغيرة بكل براءة: لا، لا أريد.. لدي كل هذا (أريد عروثة)!!
انتبهت المعلمة فجأة، وتذكرت أنها ليست أمام إنسان له مطالبه المادية، بل أمام طفلة لديها رغباتٍ معنوية. إنها تريد أن تمارس طفولتها كما غيرها من الأطفال قبل أن يفوتها قطار الطفولة فتضطر لركوب قطار الشباب إن استطاعت اللحاق به أو انتظرها! فالقطار لا يحب الفقراء دون تذاكر ولا يسمح لهم بركوب مقاعده المهترئة!! أدركت المعلمة لماذا تريد تلك الطفلة بعينها أن تكون عريفة! لأن العرافة والزعامة غالباً للأقوياء ومن لهم حظوة اجتماعية، كما هي عادة المراكز والمناصب التي تبحث غالباً عن أولاد الذوات، بينما اللاهثون وراء معيشتهم قليلاً ما يتوقف قطار المناصب ليقلهم نحو المجد!
ترى هل تذكرنا قط مطالب أطفال الفقراء المعنوية؟! أم أننا نوجه جل اهتمامنا لسد جوعهم وكسوة أجسادهم دونما تفكير بإرضاء رغباتهم النفسية وتحقيق مطالبهم المعنوية؟!
فمتى ندرك أن للفقير مطالب بسيطة ومهمة وهو بأشد الحاجة لها، وغير متكررة كالأكل والشرب والكساء؟
هل لأننا نستكثر عليهم الفرح فنعمد فقط إلى سدِّ أفواههم بالطعام، أم أن المرح حكرٌ على أبناء الأغنياء دون غيرهم؟!
أرجوكم، أسعدوا الفقراء، خذوهم مع أولادكم إلى مدن الألعاب، دعوهم يزورون مطعماً محترماً وادفعوا حسابهم. اشتروا لبنات الفقراء دمى وعرائس!
عروسة؟! ما أبسط مطالبك يا منال، فقط عروسة! هل تريدينها ناطقة أم تفضلينها صامتة؟! أم تختارين عروسة تضحك وتغرق في الضحك لتسعدك؟!
أسعد الله قلبك أيتها الصغيرة، كما أسعدت قلبي، وأنار طريقك كما أضأتِ طريقاً كان في فؤادي مظلماً!!