في بحث يسلط الأضواء على أنفاق الجدار الغربي من بدايتها وحتى نهايتها برحلة قد صغناها معاً كي نصل إلى الحقيقة ونتركها بين أيديكم لنحملكم الأمانة وواجب النصرة
نبذة من البحث
رحلة الأسرار في نفق الجدار
مقدمة
المسجد الأقصى أرض الإسراء والمعراج، مجمع الأنبياء والرسل عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام، قبلة المسلمين الأولى، وثاني مسجد وضع في الأرض، وثالث مسجد تشد له الرحال، في فضله لا تسعنا الصفحات ولا المجلدات.
المسجد الأقصى هو المساحة المسورة الواقعة على جبل بيت المقدس في جنوب شرق مدينة القدس القديمة، يدخل في أحكامه وأهميته وقدسيته أسواره وكل ما هو داخلها، لذلك كان الحائط الغربي للمسجد الأقصى جزء لا يتجزأ منه وتنطبق عليه جميع أحكامه وأهميته .
الحائط الغربي للمسجد الأقصى هو أقدم أسوار المسجد فكان موجودا منذ قدوم النبي عليه الصلاة والسلام في ليلة الإسراء والمعراج، وفيه ربط النبي عليه الصلاة والسلام دابته البراق عند دخوله للمسجد ، ودخل من أحد أبوابه فسمي بباب النبي وحائط البراق، كان هذا الجدار هو أول لقاء للنبي عليه الصلاة والسلام بالمسجد الأقصى، من خلال هذا الجدار ومن بابه الجنوبي دخل الفاروق إلى الأقصى يوم الفتح العظيم، وطهر المسجد من الرجس القديم، وعنده رابطت الثلة المجاهدة من أهل الدين، في تلك البقعة أوقف الأفضل حارة تطل على المسجد الأقصى وحائط البراق لأهل المغرب اللذين قدموا لفتح بيت المقدس فنسبت لهم وأصبحت حارة المغاربة.
فمنذ القدم كان للحامية الغربية للمسجد الأقصى جل الاهتمام والأثر الكبير في رعاية المسجد وحمايته، فانتشرت على مدار السور الحارات والأحياء والمدارس والزوايا، كلها خدمة للمسجد وإعماراً له،
توالت السنوات ومرت العصور والأعوام والمسجد الأقصى مصان والحائط الغربي بأمان ، إلى أن جاءت لحظة خور وهوان هزت الأركان وأضعفت البنيان، عندها وفي تلك الأيام ظهرت آيات من الكذب والبهتان صنعها أعداء الإنسان من أحفاد قردة وأتباع شيطان، فادعت أن الحائط المصان بقايا لهيكل ما كان يوماً في الزمان ولا في المكان، وأصبح الحائط الغربي نقطة أساس في مدينة مقدسة لشعب اليهود، وصارت مدينة القدس العتيقة تعرف بمدينة الملك داود، وحائط البراق أصبح حائطاً للبكاء، وجبل صخرة بيت المقدس صار جبل الهيكل، وأبواب المسجد تحولت إلى أبواب الدخول إلى جبل الهيكل، أما الحامية الغربية للمسجد الأقصى فقد تحولت إلى أحياء قد بنيت فوق أنقاض مدينة الملك داود ، وزادت الأقوال وتفشت البدع والخرافات، وانطلقت حلقات الغدر والتزييف، فمنذ مائتي عام وبعثات التنقيب عن الآثار والحفريات تنهش الجدار الغربي، وظهر ما يعرف بأنفاق الحائط الغربي، ومازالت المخططات ترسم، والمعاول تدك في تربة حارة المغاربة وفي محيط السور الغربي للمسجد إلى أن استطاع اليهود أن يحصلوا على حق مكتسب في حائط البراق لتبدأ فصول المأساة بالتشعب والانتشار كسرطان ينهش جسد الأرض والحضارة والإنسان. ومن رفض إلى قبول ومن محاولة إلى أخرى حتى العام 1929 م والذي تيقظ المسلمون فيه على خطر محدق في ذلك الجدار وفي الحائط الغربي للمسجد ، فكانت الثورات وتوالت حول الجدار، والجدار ينتظر بحرقة فيرقب الاعتداء تارة والمكائد تارة ،وحفريات وحملات تنقيب ولكنه لا يعلم بهول المأساة القادمة.
جاء عام الهزيمة الكبرى فكان سقوط القدس الغربية في عام 1948 م ، وتوالت الهزائم وبعد أعوام كانت دائرة الهزائم تتوسع فضمت المسجد الأقصى وكان عام 1967، بكت القدس وبكى الأقصى وتساقطت قطرات الدم من الجدار الغربي للمسجد فقد كان يشاهد ذلك الحاخام المتعجرف وهو يقول بنشوة النصر ((أخاطبكم من أمام حائط المبكى آخر اثر لهيكلنا الذي طالما تقنا إليه كثيرا)) فقد بدل اسم الحائط ولم يعد حائط البراق فقد أصبح حائط للبكاء فبكى حاله الحائط وبكى العرب الذين خذلوه
لم تهدأ الفاجعة أبدا منذ ذلك اليوم فبعد أيام زالت حارة المغاربة عن الوجود وخلال أيام بدلت معالم المنطقة وأصبحت ساحة المبكى ولم تعد حارة المغاربة ومن ثم تمتد الأيدي المجرمة لتطال حارة الشرف وقسم كبير من حارة السلسلة في عام 1968 لتصبح حارة لليهود بعرف الغدر والخيانة وبسطة القوة وغفلة العالم العربي
ثم توالت حلقات الهزيمة لتطال المدرسة التنكرية في العام 1969 في مصادرة واحتلال لها من قبل قوات الاحتلال الصهيونية
ويرفع الستار عن رحلة الأسرار في نفق الجدار
جولة نسير بها في ذلك النفق وتحت تلك البيوت نسبح في المأساة وتطفوا حولنا الأكاذيب فنحاول أن نجفف الزيف ونعريه كي لا يغرق فيه الكثير.
تعد الجهة الغربية للمسجد الأقصى العصب الرئيسي للمدينة العبرية التي يبنيها الاحتلال أسفل المسجد الأقصى، وتمتد الأنفاق والحفريات في غرب المسجد الأقصى على طول جداره الغربي بأطوال وارتفاعات متفاوتة وبفراغات متعددة. نسبت هذه الفراغات والأنفاق إلى مزاعم صهيونية وعبرية لتشكل عقائد مختلفة لهم، حيث أنهم يربطون كل حجر داخل الأنفاق بتاريخ وقصص نسجتها عقولهم لتهويد المنطقة وتحويلها إلى أرض عبرانية، وارتبطت هذه الأنفاق وخاصة نفق الحائط الغربي بقضية بناء الهيكل التي يسعى لتحقيقها اليهود مكان المسجد الأقصى، وارتبطت أنفاق الحائط الغربي بعقيدة عودة مسيحهم المنتظر الذي سيقوم بلم شتات اليهود وتكفير خطاياهم، فما كان من مؤسسة الاحتلال الإسرائيلية إلا أن حوّلت هذه الأنفاق إلى أثار ادعت أنها تعود إلى عصر الحشمونائيم وعصر الهيكل الثاني والحكم الهيرودي. وما هذه الأنفاق والقنوات والفراغات إلا أساسات لمدينة القدس، وأساسات للمسجد الأقصى وجداره الغربي بنيت في العصور الرومانية والأموية وجلها كان عبارة عن قنوات مياه وخزائن للمياه بنيت وأعمرت في العصرين الأيوبي والمملوكي.
هدف هذه الأنفاق الأول والأخير هو إضعاف بنية المسجد الأقصى وأساساته إذ أنها تنخر الأساسات وتضعف التربة والأرضية بأعماقها الخيالية وتغيير تاريخ المنطقة ودس تاريخ زائف ومغاير تماماً للحقائق، ومن ثم بناء الهيكل وتحقيق الهدف الأساسي .
بعد هذه الرحلة المطولة وكشف الأسرار داخل النفق نطلقه نداء لكل ذي قلب سليم ولكل ذي نخوة أو كرامة
إن الأقصى قد تجاوز مرحة الخطر إلى مرحلة ما بعد الخطر الأقصى في أي لحظة قد يزول ولن يبقى لنا حينها مسجد ثالث كما كان ،الأقصى يستصرخنا واحداً واحداً صغاراً كباراً شيوخاً وولداناً أن أنقذوني وأنقذوا مدينتي من الزوال فإما تحرك عاجل ورسمي وعلى كل الصعد وإما فاجعة ستطال كل البشرية .